الثلاثاء، 3 مايو 2022

النوادي التربويّة وتنمية المهارات الحياتيّة

 

ملخص:

تواجه المدرسة في مختلف أرجاء المعمورة تحديّات جمّة منها ما يتعلّق بتحوّلات سوق الشغل المستمرّة والمتسارعة وتغيّرات أنماط الحياة، ومنها ما يتّصل بمتطلّبات العيش المشترك في مجتمعات صارت أكثر تعدّدا وتنوّعا، ومنها كذلك تحدّيات أخرى تتمثّل في تنامي السلوكيات المحفوفة بالمخاطر لدى المتعلّمين، الأمر الذي يجعل من تنمية السلوك المدنيّ لدى هؤلاء أمرا ضروريّا. ولكن ترسيخ ذلك السلوك المدني وتجذيره في الواقع لا يتمّان بالوعظ والإرشاد والتخويف وإنّما بتمكين المتعلّمات والمتعلّمين من اكتساب المهارات الحياتيّة التي تخوّل لهم الاستجابة بفعاليّة لمتطلّبات الحياة اليوميّة وتحدّياتها؛ على أن تحقيق هذا الهدف يتجاوز الممارسة التربويّة بالمعنى الكلاسيكيّ أي يتجاوز الفصل وأنشطة التعلّم إلى الحياة المدرسيّة وأنشطة النوادي التربويّة (المدرسيّة) التي تعدّ أنشطة مكمّلة للأولى ولكن أيضا أنشطة ذات خصوصيّة باعتبار هامش الحرّية المتاح لأعضائها من منشطين ومتعلّمين.

الكلمات المفتاحية: النوادي التربويّة- المهارات –المهارات الحياتيّة.

Abstract:

School around the world faces plenty of various and varied challenges, among them those related to ongoing and accelerating changes in the labor market as well as lifestyle changes, and those linked to the requirements of living together in communities which have become more and more diverse. Other challenges include the growth of risky behaviors among learners, which renders the development of civil behavior/civility among them necessary. However, instilling and implanting civil behavior cannot be achieved through preaching, instructing and intimidating but rather through enabling learners to acquire life skills so as to respond effectively to the requirements and challenges of daily life. However, the attainment of such a goal goes beyond traditional classroom practice i.e. classical learning activities to reach school life and school clubs. The latter complement the learning activities, as they provide the club members, whether they are facilitators or learners, with a broader margin of freedom.

Key words: Education clubs – Skills – Life skills.

تمهيد:

تعتبر تنمية المهارات الحياتيّة لدى المتعلّمين رهانا ينبغي على المدرسة كسبه، لاسيّما بعد أن تنامت بداخلها السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر (التدخين- شرب الخمر- الجنس- العنف…)، وكذلك بعد أن صارت الشكوك تحوم حول جودة مخرجاتها في وقت صار فيها خرّيجوها عرضة للبطالة. وضمن سياق تنمية المهارات الحياتيّة هذا تلعب النّوادي التربويّة دورا مهمّا وبارزا باعتبارها فضاءات تربويّة توفّر هامشا من الحريّة للمعلّمين والمتعلّمين لا يوفّره الفصل وأنشطته التعليميّة التعلّميّة نتيجة اعتبارات مختلفة تأتي في مقدمتها التوزيعيّة التي تفرضها البرامج المدرسيّة وإكراهات الامتحانات المدرسيّة لاسيّما الوطنيّة منها. إن النوادي التربويّة مساحة للتفاعل بين الفاعلين في الحقل التربويّ، وهي بذلك  فضاء ملائم لتنمية المهارات الحياتيّة التي يمكّن اكتسابها المتعلّمات والمتعلّمين من الاستجابة بفعاليّة لتحديّات الحياة اليوميّة ومتطلّباتها.

الإشكاليّة:

إذا كانت النوادي التربويّة فضاءات مناسبة لتنمية المهارات الحياتيّة للمتعلّمين، باعتبار أن الانتماء إليها طوعيّ وإراديّ، وباعتبار أن أهدافها وطريقة اشتغالها تتحدّد ضمنها وليس بالبرامج الرسميّة التي تحدّدها وزارة التربية، فإن التساؤل يظلّ قائما ومحوره: كيف تكون النوادي التربويّة  فعلا فضاء لتنمية تلك المهارات؟ أو بالأحرى ما الشروط الواجبة لتكون النوادي المدرسيّة فضاء لتنمية المهارات الحياتيّة التي تجعل المدرسة تقطع مع منطقين اثنين هما الوعظ والإرشاد حدّ التخويف من ناحية، والعقاب والتأديب من ناحية أخرى؟

المنهجيّة:

هذه الدراسة نظريّة تحليليّة بالأساس، تروم التعمّق في تحليل الشروط اللاّزمة لتكون النّوادي التربويّة فضاء لتنمية المهارات الحياتيّة. فهي بذلك تتبنّى المنهج التحليليّ غايتها في ذلك تبيان الدور المحوريّ للنوادي التربويّة في تنمية المهارات الحياتيّة التي صارت مطلوبة لدى المتعلّمين حتى يتسنّى لهم لا التغلّب على السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر فحسب، وإنّما أيضا التكيّف الإيجابيّ والفعّال مع متطلّبات الحياة في عالم كثير التحوّل ومليء بالمخاطر والتحدّيات.  وقد استفدنا فيها من مقابلات جماعيّة أجريناها مع تلاميذ ينتمون إلى نوادي تربويّة (نادي المواطنة الفاعلة، نادي الصحة، نادي السينما) بجهة بنزرت (شمال تونس) خلال متابعتنا لأنشطة هذه النوادي.

  1. مفاهيم الدراسة:
  • النوادي التربويّة:

تُعرف أيضا بالنوادي المدرسيّة، وهي جمع نادٍ، الذي هو عبارة عن فضاء “تربويّ وتأطيريّ لاكتشاف المواهب وتطوير مؤهّلات وكفاءات المتعلّمين في مختلف المجالات، وإذكاء روح العمل الجماعيّ فيما بينهم عبر التواصل والممارسة الميدانيّة واكتساب أساليب وتقنيات البحث دعما لدور المؤسّسات التعليميّة الإشعاعي والتنويري. وهو مجال لحفز الأطر التعليميّة والإداريّة على استثمار قدراتها في مجالات التنظيم والتأطير والتنشيط التربويّ والثقافيّ والاجتماعيّ. ويتشكّل النادي من مجموعة من المتعلّمين، من مستويات دراسيّة مختلفة، تجمعهم صفة الميل المشترك  لمجالات الأنشطة التي يشتغل عليها النادي، بحيث يقبلون على الانخراط التلقائيّ والفعليّ في إنجازها، تحت إشراف تربويّ، بما يتيح لهم تنمية مجموعة من الخبرات والميولات والقيم والكفايات التربويّة وربطها بالواقع المحلّي والآني، في جوّ يسوده الشعور بالانتماء والتطوّع والمبادرة والعمل الجماعيّ والتّضامن وقبول الاختلاف، والتفاعل الإيجابيّ[1]“.

بناء على ما تقدّم يكون النادي فضاء مغايرا للفصل، ولكنّه متمّم له. فهو وإن بُني على التطوّع والرغبة الذاتيّة، فإنّه ينشد تنمية مجموعة من الخبرات والميول والاهتمامات التي تساعد المتعلّمين على تنمية مهارات الاندماج في المجتمع بيسر وسهولة يخوّلان لهم إيجاد حلول للمشاكل التي تعترضهم في حياتهم اليوميّة في الوسط والمدرسيّ وخارجه. وهكذا يُسهم النادي التربويّ في توفير مناخ مناسب لا لاكتساب المواقف والقيم فقط وإنّما أيضا لممارستها، وترجمتها إلى سلوك يوميّ.

بتمكين المتعلّمين من تحويل النظريّ إلى العمليّ تكون النوادي التربويّة أسهمت في جسر الهوّة بين النظريّ والعمليّ التي كثيرا ما طبعت أداء المدرسة والتي تتمثّل بالأساس في الاقتصار على تقديم معارف حول القيم بما يسمّى تعليم القيم والحال أن “التعليم (مثلا درس تربية مدنيّة أو معلومات حول المواطنة) لا ينجح لوحده في تكوين مواطن مسؤول ما لم يكن مرفقا بإيجاد المناخ المناسب والملائم للقيم المنشودة. فكثرة التعليم والمعلومات لا تضمن إلا تربية قليلة، وبالتالي عددا قليلا من مهارات الحياة[2]“. وبهذا المعنى تكون تنمية المهارات الحياتيّة المختلفة من المهامّ المدرسيّة التي يمكن للنادي التربويّ المساهمة الفعّالة في إنجازها.

ويندرج مفهوم النادي التربويّ تحت مفهوم أوسع وأشمل هو “الحياة المدرسيّة” la vie scolaire، الذي يعني ذلك الإطار “لتنمية شخصيّة التلميذ ومواهبه للتمرّس بالعيش الجماعيّ، تتجسّم فيه علاقات تربويّة بين المتعلّمين من ناحية وبينهم وبين أطراف الأسرة التربويّة من ناحية ثانية، وهي علاقات تقوم على مبادئ الاحترام والإنصاف والموضوعيّة وتلازم الحقوق والواجبات. وتتمثّل الحياة المدرسيّة، بوصفها امتدادا للتعلّمات في الفصول فيما يتعاطاه التلاميذ من أنشطة تربويّة وثقافيّة وترفيهيّة ورياضيّة وما يُسدى لهم من خدمات اجتماعيّة وصحيّة في انسجام  مع رسالة التربية[3]“.

إن الحياة المدرسيّة، بهذا المعنى، هي تلك الأنشطة المتمّمة والمكمّلة لأنشطة التعلّم. وعليه، فهذه الحياة “تحتضن فيما تحتضنه الأندية التربويّة التي نجد من بينها نادي التربية على المواطنة وحقوق الإنسان[4]“. ومن ثم تكون الحياة المدرسيّة الفضاء الأوسع الذي يحتضن مختلف الأنشطة التربويّة المكمّلة لتلك التي تُنجز بالفصل. وهي بذلك “تجسّد أهمّ وظائف المدرسة، أي أن تشبه الحياة الواقعيّة وتحاكيها في أفق تحويل قيم المدرسة إلى الواقع…[5]“.

تمكّن الحياة المدرسيّة من تجاوز القطيعة بين أنشطة الفصل وسائر الأنشطة الأخرى التي يحتضنها الفضاء التربويّ، فتتيح بذلك للمتعلّمين تجاوز ما يسمّى بالثنائيّة الزمنيّة، حيث “زمن القسم هو غير زمن ساحة المدرسة/ المعهد، فالأوّل زمن للتعلّم، والثاني زمن للحريّة أي لممارسة أنشطة من المفترض – في ذهن التلميذ- أن تكون مستقلّة تمام الاستقلال عن عالم القسم[6]“. وبالتالي، يجوز القول، تجسّد النوادي التربويّة وسيلة لمنع القطيعة بين أزمنة المدرسة وأنشطتها، أي منع القطيعة بين ما ينجز في الفصل وما يتمّ خارجه.

وبما أن المتعلّم هو محور العمليّة التربويّة، فإن “تفعيل أدوار الحياة المدرسيّة ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار رغباته وتحوّلاته ومشاكله وهمومه لأنّه دون ذلك ستظلّ المدرسة مجرّد فضاء يلجأ إليه المتعلّم، نظرا لعدم وجود بديل عنها. وقد تمّ الانتباه مؤخّرا إلى المشاكل التي تنجم عن عدم جعل المدرسة فضاء مفتوحا يستجيب لمختلف رغبات المتعلّم من خلال التشديد على ضرورة القيام بأنشطة موازية، وإنشاء النوادي التعليميّة، إضافة إلى تخويل المؤسّسات صلاحيات تكوين مجلس للحكماء، مهمّته الإصغاء لمختلف مشاكل المتعلّمين[7]“.

هكذا نخلص إلى القول، إن النادي التربويّ من مكوّنات الحياة المدرسيّة الأساسيّة، وأن أنشطته داعمة ومعزّزة ومكمّلة لأنشطة الفصل؛ وهو ما يجعله مساعدا على جسر الهوّة بين النظريّ والعمليّ، وبين أنشطة التعليم والتعلّم وأنشطة التثقيف والترفيه، على أن يبقى الانخراط فيه  طوعيّا وإراديّا وحسب الرغبات والاهتمامات الخاصة بكلّ متعلّم، وكلّ معلّم أيضا.

ب: المهارات الحياتيّة

تُعرّف المهارة بأنّها “إتقان ينمّى بالتعلّم وقد تكون حركيّة كما في ركوب الدرّاجات، أو لفظيّة كما في التسميع والكلام، أو مزيجا من الاثنين كما هو الحال في الكتابة بالآلة الكاتبة[8]“. أما المهارات الحياتيّةles aptitudes àla vie quotidienne فقد عرّفتها منظمة الصحة العالميّة بأنّها “القدرة على القيام بسلوك تكيّفي وإيجابيّ يمكّن الفرد من التعامل بفعاليّة مع متطلّبات الحياة اليوميّة وتحدّياتها، وهي قدرة الفرد على المحافظة على حالة من الرفاه الذهنيّ من خلال تبنّي سلوك ملائم وإيجابيّ عند إقامة علاقة مع الآخرين…[9]“.

تمثّل المهارات الحياتيّة تلك القدرات التي تخوّل للفرد التفاعل بإيجابيّة مع تحدّيات الحياة اليوميّة المختلفة، ولا سيما منها تلك المتّصلة بعلاقاته مع الآخر. “فاتّخاذ موقف إيجابيّ من الآخر يعني التفاعل معه والإقرار بالتنوّع والتّسامح الذي هو ترجمة لقناعة مفادها أن  تعدّدالآراء مشروع وأن التباين في الفكر يضفي على الأفكار والأشياء معنى وثراء في حياة الناس[10]“.وتُعرف أيضا بالكفايات النفسيّة الاجتماعيّة les compétences psychosociales[11]

وتُعدّ المهارات الحياتيّة مقاربة لتغيير السلوك أو لتنميته بغية إيجاد توازن بين “ثلاثة أبعاد: المعرفة laconnaissance والموقف L’attitude والمهارات les aptitudes[12]“. ويتطلّب نجاح مدخل المهارات الحياتيّة الذي يعدّ مكوّنا أساسيّا من مكوّنات براديغم التعلّم le paradigme d’apprentissage تناسق ثلاثة أبعاد[13]:

  • بعد المهارات مثل اتّخاذ القرار الذي ينطوي على تنمية الفكر الإبداعيّ والفكر النقديّ؛
  • بعد المحتوى، والذي يفترض مسبقا، مثلا في حالة استهلاك المواد المؤثّرة عقليّا أو في حالة الوقاية من فيروس نقص المناعة البشريّة، اكتساب المعارف الأساسيّة التي ستسهم في تنمية القدرة على اتّخاذ القرار؛
  • بعد الطرق/ الأساليب مثل التّواصل مع الآخرين والتي تكتسب عبر التفاعل والتبادل مع الآخرين وليس من خلال درس أكاديميّ.

وتبيّن لنا هذه الأبعاد الطبيعة المركّبة للمهارات الحياتيّة باعتبارها تلامس جوانب مختلفة في الفرد. ولعلّه بسبب ذلك قامت منظمات الصحة العالميّة واليونسكو واليونسيف بتجميع تلك المهارات في ثلاث مجموعات هي[14]:

*مهارات التواصل والعلاقات مع الآخرين وتشمل:

- مهارات التواصل بين الأشخاص، لفظيّا وغير لفظيّ، والإنصات الفعّال والتعبير عن المشاعر والتفاعل (الأخذ والعطاء).

- القدرة على التّفاوض والرّفض؛ التفاوض وإدارة الخلافات وإثبات الذات ومهارة الرفض.

- التّعاطف: مهارة الإنصات وفهم حاجيات الآخر وظروفه والتعبير عن هذا الفهم.

- التعاون والعمل ضمن فريق: إظهار الاحترام لمساهمات الآخرين، ولمختلف أساليب تقييم مساهمات القدرات الخاصة لكلّ فرد ولمساهمته في الفريق.

- القدرة على كسب التأييد: القدرة على التأثير والإقناع والتحفيز والتشبيك (إقامة الشبكات) Réseautage.

- مهارات اتّخاذ القرار وإيجاد حلول للمشاكل: جمع المعلومات واستباق تأثيرات أفعال الفرد وأفعال الآخرين وتحديد حلول بديلة، وتحليل تأثير قيم الفرد ومواقفه ومواقف الآخرين على التحفيز.

- مهارة التفكير النقديّ: القدرة على تحليل تأثير وسائل الإعلام والأقران، وتحليل المواقف والقيم والمعايير والمعتقدات الاجتماعيّة إضافة إلى العوامل المؤثّرة وتحديد مصادر المعلومات الوجيهة ذات الصلة.

*مهارات إدارة الذات وضبط النفس وتشتمل على:

- زيادة التحكّم في الذات: حسن تقدير الذات والثقة في النفس والوعي بالذات بما في ذلك الوعي بالحقوق وبتأثيرات القيم والمواقف وبنقاط القوة والضعف والقدرة على تحديد هدف وعلى التقييم الذاتيّ.

- القدرة على إدارة المشاعر والتحكّم فيها: التحكّم في الغضب، إدارة القلق والشكوى، القدرة على التكيّف مع إدارة وضعيّات صعبة (خسارة، سوء المعاملة، الصدمات النفسيّة).

*مهارة إدارة الضغط وتعني:

- إدارة الوقت والتفكير الإيجابيّ والقدرة على الاسترخاء.

ولأن الفرد لا يولد مفتقرا لهذه المهارات في تجلّياتها المختلفة، فإن الحديث يتمحور حول تنميتها وليس تعليمها،  وتوجد مجموعة من العوامل المؤثّرة في تنميتها، ومجموعة من المبادئ التي يلتزم بها في عملية التنمية تلك. وأما العوامل المؤثّرة فتتمثّل في[15]:

- العلاقات المدعّمة: ينبغي أن تتوفّر الجهة الداعمة لهذه المهارة ولاكتسابها وغياب الدعم يؤدّي إلى إهمالها وبالتالي إلى تلاشيها.

- النماذج: يشكّل النموذج تكوينا مهمّا للمهارة حيث يساهم في اكتسابها وفق نموذج ملاحظ مما يسهّل هذا الاكتساب بشكل صحيح وسريع.

- تتابع الإثابة: التعزيز والثواب أمر مهمّ جدا في اكتساب المهارة والمحافظة عليها.

- التعليمات: تجعل التعليمات المهارة في سياقها الصحيح إذ تشكّل الإرشاد الذي يتمّ من خلاله اكتسابها وأدائها.

- إتاحة الفرصة: ويقصد به ممارسة المهارة من طرف الجميع لأن اكتسابها لا يكون إلا من خلال الممارسة الفعليّة.

- التفاعل مع الأقران: ويتم هذا من خلال الاحتكاك بباقي الزملاء والتعلّم منهم وتصحيح أخطائهم.

أما المبادئ فقد لخصها الباحث عبد الرحمان جمعة وافي على النحو الآتي[16]

المبدأ المظهر
اعتماد المنطق العلميّ الصحيح تعلّم المهارات الحياتيّة على أسس علميّة صحيحة وعلى تدريب فنّي: سرعة تعلّم المهارات + اقتصاد في المجهود.
الممارسة المهارة ليست معطى نظريّا، إنّها تقوم على الممارسة. وبالممارسة فقط تكتسب المهارة.
توفير فرصة للممارسة ضرورة إيجاد فرصة ملائمة لممارسة المهنة المطلوبة.
توزيع فترات الممارسة عدم تجميع فترات الممارسة لأن من شأن ذلك أن يجعلها مرحلة منتهية.
سرعة الأداء المهارة تقوم على سرعة الأداء ثم الترقية فيه.

يسمح لنا التأمّل في هذه العوامل والمبادئ بالقول إن تنمية المهارات الحياتيّة تحتاج إلى ما هو أشمل من أنشطة التعليم والتعلّم. بمعنى أن أنشطة الفصل لوحدها عاجزة عن تنمية تلك المهارات، وبالتالي فإن الاعتماد على النوادي في تحقيق ذلك الهدف يعدّ أمرا ضروريّا لأن النادي يتيح فرصا للممارسة ويوفّر حيزا زمنيّا ملائما للتفاعل بين الأقران، فضلا عن كون أنشطته أنشطة ممتدّة أي ليست محدّدة بسنة دراسيّة ولا بسداسي، أو بالأصح زمن النادي يحدّده أعضاء النادي بناء على مشروع متّفق عليه. وهكذا، فإن تنمية تلك المهارات الحياتيّة تجد في النادي التربويّ فضاء ملائما، باعتباره يجمع بين النظري والعمليّ ويتيح فرصا للتطبيق  ويوفّر حيزا زمنيّا مناسبا لإنجاز الأهداف المرسومة.

  1. النوادي التربويّة: الدوافع والمبادئ

يفصح واقع المؤسسة التربويّة اليوم عن عدّة معطيات ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار منها انتظارات المجتمعات من المدرسة، والتي لم تعد تقتصر على تكوين يد عاملة ماهرة فقط، بل أيضا تكوين إنسان واثق من نفسه، قادر على المبادرة ومؤمن بالحوار في إدارة الاختلاف ونابذ للعنف، أو بعبارة آلان تورانAlain Touraine، المدرسة مدعوة إلى بناء الذات الفاعلة عند المتعلّم. ومنها أيضا تنامي السلوك المحفوف بالمخاطر، حيث تنتشر ظواهر سلوكيّة تهدّد سلامة المتعلّمين وصحتهم في بعدها الشامل (الجسميّ والذهنيّ والاجتماعيّ ). فظواهر مثل التدخين وتعاطي المخدرات وممارسة الجنس ظواهر اخترقت الفضاء التربويّ، وإذا ما أضفنا إليها العنف (البدني واللّفظيّ) سنكون أمام فضاء تربويّ يتطلّب تدبيرا من نوع خاص، أو بالأحرى يتطلّب تجديدا في تدبيره.

يقتضي التجديد في تدبير الشأن التربويّ اليوم مقاربة غير تقليديّة، بمعنى أنّه يتطلّب مقاربة لا ترتكز على الوعظ والعقاب. فالمدرسة وجدت لتساعد في نموّ المتعلّم المتوازن، وهي بذلك مدعوّة إلى مساعدته على تملّك كلّ ما من شأنه أن ييسّر له التفاعل بإيجابيّة ومرونة مع تحديات الحياة اليوميّة الكثيرة والمتنوّعة. وهذا يعني أن حياة المتعلّم بالمدرسة تأخذ معناها اليوم من قدرتها على تمكين المتعلّمين من مهارات تجمع بين الثقة في النفس والقدرة على العمل ضمن فريق كما تأخذ معناها أيضا من كسر الهوّة بين النظري والعمليّ وبين المعارف والممارسات ومن التكامل بين زمن الفصل وبقيّة الزمن المدرسيّ.

لئن يبدو اكتساح السلوك المحفوف بالمخاطر الفضاء التربويّ مؤشّرا على التحدّيات التي تواجهها المدرسة، فإنّه في المقابل يحفّز تلك المؤسّسة على تجديد آليات اشتغالها، بحيث تكون أنشطة الفصل وأنشطة الحياة المدرسيّة (الثقافيّة والرياضيّة) متكاملة ومترابطة، بمعنى أن تلافي ذلك السلوك يكون بمعارف تترجم إلى سلوك يوميّ وعمليّ. ذلك أن الاكتفاء بمعارف نظريّة حول خطورة بعض السلوكيّات على صحة الفرد والمجتمع، قد لا يجد آذانا صاغية عند المتعلّمين وهم الذين يجدون أنفسهم في مواجهة “إغراءات” تلك السلوكيّات التي يمارسها الأقران ووسائط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ.

وحتى تكون أنشطة النوادي ناجعة في عملها، منسجمة مع أنشطة الفصل ومتمّمة لها، وموحّدة لما يكتسبه المتعلّمون من معارف متناثرة بين مواد دراسيّة  كثيرا ما شكّلت جزرا منفصلة عن بعضها البعض، لابد أن تؤسّس تلك النوادي على مبادئ واضحة ومنسجمة، ويمكن إجمال هذه المبادئ في ما يأتي:

  • حرّية الانخراط في النادي التربويّ: إن الانتماء إلى النادي التربويّ يظلّ أمرا إراديّا وطوعيّا بالنسبة إلى المعلّمين كما بالنسبة إلى المتعلّمين. فلا يعقل أن توكل مهمّة تنشيط النوادي إلى مدرّسين لمجرّد أن روزنامات عملهم تنقصها بعض الساعات، فيكون الحلّ لتفادي ذلك النقص تكليفهم بتنشيط النوادي. فقد أثبتت مثل هذه التجارب فشلها، حيث رأى المدرّسون في النادي أعباء أثقلت كاهلهم، وهو ما يعني أن تحويل تنشيط النادي التربويّ إلى مسألة إداريّة محضة لتعديل روزنامات عمل المعلّمين مقاربة خاطئة لتوطين تلك النوادي. كما أن إجبار المتعلّمين على الانتماء إلى هذا النادي أو ذلك يجعلهم لا يميّزونه عن الفصل. وإذا ما أضفنا إلى ذلك رفض بعض الأولياء لتلك الأنشطة التي يحتضنها النادي على أساس أنّها تحتلّ حيزا زمنيّا يُفترض أن يوجّه إلى دروس الدعم والدروس الخصوصيّة تصبح أنشطة النوادي بلا معنى. ومن ثم لابد أن يكون الانتماء إلى النادي عاكسا لرغبة ذاتيّة وملبّيا لحاجة نفسيّة واجتماعيّة، فيكون انتماء طوعيّا وإراديّا.
  • الخضوع لميثاق مبنيّ بطريقة تشاركيّة: بما أن الانتماء إلى النادي طوعيّ وإراديّ بالنسبة إلى منشّط النادي وبالنسبة إلى المتعلّمين، فإن الاتّفاق على ميثاق لتدبير شأن النادي يعدّ مرحلة مهمّة ورئيسيّة. ومن هنا فإن اعتماد مقاربة تشاركيّة في وضع الميثاق من الأسس التي يبنى عليها النادي. وعادة ما يحدّد الميثاق حقوق كل طرف ومسؤولياته، الأمر الذي يجعل المنخرطين ملتزمين بما اتّفقوا عليه؛ علما وأن التعاقد على قواعد عمل النادي، يسهم في تعزيز مهارة التفاوض والحوار والتواصل الفعّال كما يؤسّس لممارسة مواطنيّة تثمّن احترام القانون والمشاركة الديمقراطيّة في وضعه.
  • تنوع أنشطة النادي: يسهم تنويع أنشطة النادي في شدّ اهتمامات المنخرطين فيه، ويجعلهم أكثر إقبالا على المساهمة في أنشطته كما يحفّزهم على الإبداع. بعبارة أخرى، لا يُبنى النادي على نمط واحد من الأنشطة، ولا يُهمل فيه أي نشاط. فكلّما تنوّعت الأنشطة، كلّما احتضنت إبداعات أكثر. وكم هو مهمّ تثمين الإبداعات وتشجيعها.
  • توفير إطار مناسب للتجديد والمبادرة والإبداع: لعلّ من أهمّ خصائص النادي التربويّ أنّه يمثّل فضاء للإبداع والمبادرة والتجديد لمختلف الأطراف المنتمية إليه من معلّمين ومتعلّمين. فانفتاح النادي على أنشطة متنوّعة يجعله حاضنا لإبداعات مختلفة، وهو بذلك ييسّر لمختلف أنواعهم تنمية الثقة في النفس ويشجّعهم على المبادرة. وهو في ذات الوقت يسهم في تدريبهم على تثمين إبداعات الآخرين وعلى التقييم الإيجابي الذي يحفّز ولا يحبط. بعبارة مغايرة، أن يكون النادي فضاء إبداع ومبادرة، فذلك يعني حسن تقدير الذات والاعتراف بالآخر وبإبداعاته. وهذا الاعتراف المتبادل يؤسّس لعلاقات التعاون لا التنافس، ويمكّن الجميع من ممارسة تأمّليةّ فرديّة وجماعيّة، فيصير المنتمي إلى النادي قادرا لا على الإبداع فحسب، وإنما على التعريف بإبداعه بطريقة تجمع بين الثقة في النفس والإنصات الجيّد للآخر. وكم تحتاج مجتمعاتنا اليوم، في سياق طغت فيه الفردانيّة، إلى ذلك التمفصل بين الثقة في النفس والتواصل الفعّال مع الآخر.
  • الانفتاح على محيط المؤسّسة التربويّة: يسهم النادي في انفتاح المدرسة على محيطها، سواء من خلال الزيارات الميدانيّة التي يؤدّيها أعضاؤه إلى مؤسّسات مختلفة ( المواقع الأثريّة، المستشفيات، المؤسّسات الأمنيّة، البلديّة…) أوسواء من خلال استضافة خبراء أو أولياء ونجوم الرياضة والفن لتبادل الآراء ووجهات النظر معهم حول قضايا تشغل بال المتعلّمين، بما يسمح للمتعلّمين على نحو خاص بالانفتاح على آراء أخرى غير آرائهم وآراء مدرسيهم والتفاعل معها.

ينسجم هذا الانفتاح مع قناعة ما فتئت تترسّخ يوما بعد يوم ومفادها أن “المؤسّسات التربويّة لا تستطيع أن تعمل في حدود أربعة جدران، وإنّما يجب عليها- لكي تكون فعّالة- أن تتماثل أو تتطابق مع المجتمعات المحليّة التي تعولها وأن تكون جزءا متكاملا منها يلتحم في مقوّماتها…منها وإليها. وكلّما كانت المؤسّسات التربويّة أكثر استجابة لحاجات مجتمعها وأكثر تلبية لها، كانت أكثر فعاليّة ونفاذا[17]“. أي أن النوادي التربويّة تعدّ مدخلا مناسبا لانفتاح المدرسة على محيطها، فلم يعد من المقبول أن تنكفئ المؤسّسة التربويّة على ذاتها، بل عليها أن تنتقل من المدرسة المحراب إلى المدرسة بلا جدران[18].

بهذا المعنى يكون النادي التربويّ فضاء ينشد تحقيق جملة من الأهداف منها ما يتّصل بانفتاح المدرسة على المحيط ومنها ما يتعلّق بإتاحة الفرصة للممارسة بعد أن اكتفت أنشطة الفصل في غالب الأحيان بتقديم النظريّ ومنها خاصة تنمية المهارات الحياتيّة التي تمكّن المتعلّم فعلا من مجابهة التحدّيات والضغوط الكثيرة التي باتيواجهها يوميّا في المجتمع كما في المدرسة والأسرة. فما هي الشروط التي تجعل النادي فعلا فضاء لتنمية المهارات الحياتيّة؟

  1. النوادي التربويّة وتنمية المهارات الحياتيّة:

يجدر بنا التذكير بداية بأن المهارات الحياتيّة تُنمّى ولا تُعلّم، بمعنى لا تقدّم المهارات الحياتيّة في شكل دروس نظريّة أو مضامين معرفيّة. ولذلك فنحن لا نتحدث عن محتويات معرفيّة تنقل بطريقة تواصل عموديّة يكون فيها المعلّم شيخا والمتعلّم مريدا. وهذا يعني أن المهارات الحياتيّة تنمّى، ولتنميتها لابد من حيز زمنيّ صريح في الزمن المدرسيّ يخصّص للتدرّب وللممارسة، ومن ثمة إلى التفاعل والتواصل الأفقي متعدّد المسارات (نقاش ثنائيّ/ عمل ضمن فرق/ نقاش جماعيّ…). وضمن هذا الإطار يمكن للنواديّ التربويّة أن تلعب دورا مهمّا، وهو ما يتطلّب منها:

  • الاشتغال على مسائل من صميم الواقع اليوميّ للمتعلّمين: يمكّن الاشتغال على مسائل اختارها المتعلّمون إطارا ملائما لتنمية تلك المهارات. بمعنى أن التلاميذ يتعرّضون يوميّا إلى جملة من التحدّيات التي تفرض عليهم لا التساؤل فقط وإنّما تقديم أجوبة، فتغدو هواجسهم متنوّعة ومتعدّدة بتعدّد التحديات المطروحة عليهم. وهنا يكون من المهمّ للغاية اعتماد مبدأ التصويت لاختيار المسألة التي سيتمّ الاشتغال عليها.

يسهم اعتماد التصويت في تعزيز ثقة المنخرطين في النادي باعتبارهم يلبّي انتظاراتهم ويستجيب لهواجسهم، ومن ثم فإن مسائل من قبيل العنف والغلو والتشدّد ورفض الآخر وطغيان المصلحة الشخصيّة وغيرها من المسائل الأخرى من قبيل استهلاك المواد المؤثرة عقليّا، يمكن أن تكون محاور يُشتغل عليها بناء على أولويّات حدّدها أعضاء النادي. ومن هذا المنطلق يكون النادي التربويّ فضاء لنقاش تلك المسائل التي تلامس حياة المتعلّمين اليوميّة بما يحفّزهم على التفكير الجماعيّ، والتدرّب على بناء خطط العمل ووسائل تنفيذها.

يمكّن النادي منخرطيه من الاقتراح، ومن وضع الخطط، ومن تصوّر الحلول وتوظيف المعارف فيلبّي انتظاراتهم ويعزّز روح الفريق لديهم. وبهذا المعنى لا يمكّنهم فقط من التدرّب على حلّ المشاكل وإنّما يمكّنهم من مهارات مثل القيادة. إن النادي- ومن خلاله الحياة المدرسيّة- فضاء ملائم لتنمية مهارات القيادة، والسبيل إلى ذلك الاشتغال على وسائل واقعيّة بنزعة تجديديّة وغير تقليديّة.

  • تنويع الدعائم البيداغوجيّةles supports pédagogiques: بخلاف أنشطة التعليم والتعلّم التي تسود في الفصل والتي تتمحور بالأساس حول الكتاب المدرسيّ وبعض الأنشطة النادرة في المختبرات وفي الورشات (بالنسبة لبعض الشعب التقنية)، فإن أنشطة النادي تنهل من دعائم بيداغوجيّة متنوّعة وقع اختيارها من قبل أعضاء النادي. فقد تشمل تلك الدعائم مقتطفات من جرائد وصحف يوميّة وأسبوعيّة وبعض السندات المرئيّة (الفيديو)، وبعض الأنشطة المسرحيّة كل ذلك بالإضافة إلى الشعر والزيارات الميدانيّة…الخ.

ويستمدّ تنويع  السندات البيداغوجيّة أهميّته من كونه يمكّن من مخاطبة عدد من المهارات وليس مهارة واحدة. فالاشتغال على مسألة من قبيل استهلاك المخدرات أو التعصّب لن يحقّق أهدافه ما لم تكن المحامل البيداغوجيّة متنوّعة وقادرة على إثارة المتعلّمين وتحفيزهم، ومن ثم دفعهم لا إلى تحديد مخاطرها فحسب، وإنّما إلى تحديد إجراءات مقاومتها ومنع انتشارها. فمقاومة التعصّب لا تكون بتعريفه فحسب، ولا بتحديد ملامح المتعصّب برسم صورة نمطيّة له، وإنّما بتحديد الأسس التي بني عليها، وسبل تجاوزها، وهو ما يتطلّب دعائم بيداغوجيّة مختلفة. وضمن هذا السياق ينبغي الانتباه إلى أن مسألة توفير الدعائم وتنويعها أمر موكول لكامل أعضاء النادي وليس للمنشّط وحده، الذي قد يكتفي بحث المتعلّمين وتشجيعهم على البحث وتوجيههم نحو المحامل البيداغوجيّة المناسبة.

يوفّر النادي على هذا الأساس فرصا للتدرّب على مهارات البحث والتفكير النقديّ والإبداع والعمل ضمن فريق، وهي  مهارات مطلوبة اليوم  في  عالم متسارع التغيّرات. وعليه يجوز القول إن للبيداغوجيا في النادي التربويّ أبعاد غير تقليديّة. بمعنى أن البيداغوجيّ، يخرج عن معنى قيادة المتعلّم /الصغير إلى معنى مرافقة المتعلّم في بحوثه ومساعدته على تنمية مهاراته المختلفة.

  • اعتماد تقنيات تنشيط متنوّعة تتقاطع فيها مسارات التواصل: يعدّ اعتماد تقنيات تنشيط مختلفة من أسس النوادي التربويّة. فتقمّص الأدوار، والعمل ضمن فرق، والعمل ضمن ثنائيّات أو بصفة فرديّة كلّها عوامل مساعدة على تنمية الثقة في النفس والقدرة على العمل مع الآخر بما يعنيه ذلك العمل من تفاعل وتفاوض وتأثير وتأثر.

يسمح تنويع تقنيات التنشيط ومسارات التواصل بتحويل النادي إلى فضاء للحوار، فيتمكّن أعضاء النادي لا من اكتساب أدبيات الحوار فحسب، وإنما أيضا من تنمية مهاراتهم المتصلة “بكيفيّة الإعداد له وتنظيمه، ومباشرة النقاش حول القضايا المشتركة التي تجذب انتباه المتعلّمين وتعويدهم أثناء النقاش بضرورة الالتزام بموضوع الحوار وعدم الخروج عنه إلى قضايا هامشيّة وثانويّة[19]“.

يستمدّ الهدف من تنويع تقنيات التنشيط حينئذ أهميّته من المساهمة الفاعلة في تنمية مهارات التواصل الفعّال والتفكير الناقد سواء من خلال تحمّل النقد أو عبر اكتساب الطرق الملائمة لممارسة ذلك التفكير بعيدا عن التجريح والارتباك والتوتّر، وكلّ ما من شأنه أن ينعكس سلبا على علاقات أفراد النادي وعلى تكاملهم وترابطهم.

  • اعتماد طرق البحث الذاتيّ التي توفّر للمتعلّمين فرصا حقيقيّة لممارسة البحث: يكشف الواقع التربويّ اليوم عن صعوبة لدى خرّيجي المؤسّسة التربويّة في البحث بشكل عام بما في ذلك البحث عن المعلومات الموثوقة التي تهمّ حياتهم اليوميّة، وهذا يدلّ على أن مهارة البحث ليست في متناول الجميع. ولا غرابة أن نرى طلبة في المراحل العليا من التعليم يجدون صعوبة في الوصول إلى مصادر البحث الموثوقة والتي تساعدهم على تطوير بحوثهم. وعليه، فإن الاشتغال على تلك المهارة وتنميتها يتطلّبان من النادي التربويّ مساعدة المنتمين إليه على تنمية قدراتهم البحثية فرديّا وجماعيّا. إن مهارة البحث الجماعيّ في غاية الأهميّة والعمل على تنميتها يلبّي انتظارات مؤسّسات كثيرة.
  • تنويع أشكال التعبير عن المضامين التي تمّ بناؤها: يشتغل النادي بالأساس ضمن منطق بنائيّ اجتماعيّ، يتفاعل فيه أعضاء النادي بغرض بناء محتويات تحقّق الأهداف المرسومة. قد تكون هذه المضامين مواثيق صحيّة تلصق في ممرّات المؤسّسة التربويّة (نادي الصحة) وقد تكون مواثيق تقيّد سلوك السائق (نادي التربية المروريّة)، وقد تكون صورا وقصصا وأشعارا ورسوما فنيّة وأفلاما قصيرة…إلخ. وبهذا المعنى يتحوّل فضاء النادي إلى فضاء للإبداع والتجديد بالنسبة إلى المنشطين والمتعلّمين على حدّ سواء. بعبارة أخرى إن الاشتغال على تنمية مهارة الإبداع يتنزّل في سياق الاشتغال على مهارات أخرى. بمعنى أن المهارات مترابطة ومتكاملة، ومن بين طرق تجسيمها تنويع أشكال التعبير.
  • دعم العمل ضمن فرق والعمل الجماعيّ: يمكّن الانتصار إلى العمل الجماعيّ من مقاومة نزعتين أولاهما اللامبالاة، والثانية التمركز حول الذات. فالعمل الجماعيّ يستمدّ أهميّته من تنمية مهارات التواصل الفعّال بما تشتمل عليه من قدرة على الإصغاء إلى الآخر والتفاعل معه على أساس مقارعة الحجّة بالحجّة. بمعنى أن تنمية مهارة العمل ضمن فريق، تعني في الآن ذاته الالتزام والتشبّع بروح الجماعة، ولكن أيضا حسن تقدير الذات وتنسيب الحقائق وتقبّل الاختلاف والاعتراف بقوّة حجّة الآخر. بعبارة أخرى تكمن وراء العمل ضمن فريق مهارة أخرى ضمنيّة ألا وهي مهارة كسب التأييد للموقف الجماعيّ، والتي تتطلّب القدرة على الإقناع والتحدث في الفضاءات العامة وقبول النقد والتفاعل معه بإيجابيّة. فأنشطة النادي من هذا المنطلق، تمكّن من تنمية مهارات الفرد لا كذات مستقلّة وإنّما كعضو في فريق، وهذه العضويّة تتطلّب منه الموازنة بين الحق والمسؤوليّة.

تعدّ هذه الشروط متطلّبات أساسيّة لقيام النوادي التربويّة بدورها كاملا في تنمية المهارات الحياتيّة لدى المتعلّمين. ولكن هذه الشروط لا تكتمل إلا عندما يصبح المنشّط نموذجا يحتذى به، وعندما يصير تقييم أنشطة النادي منسجما مع هويّته.

  1. المنشّط النموذج:

يعتبر دور منشّط النادي محوريّا في عمليّة تنمية المهارات الحياتيّة. ولذلك فإن مهمّته “متعدّدة الجوانب والغايات، عظيمة الأهميّة وشديدة الأثر في المساهمة في تكوين شخصيّات التلاميذ والكشف عن مواهبهم وقدراتهم واستعداداتهم الشخصيّة مع الحرص على تكوين الصفات والعادات الحميدة والأخلاق الكريمة وترسيخ روح التسامح والمودة والتعوّد على تبادل الآراء والأخذ بأفضلها دون التعصّب للرأي الشخصيّ…[20]“.

تعدّ هذه المهامّ المترابطة ضروريّة حتى يحقّق النادي أهدافه، الأمر الذي يحتّم على منشّط النادي التخلّي عن الأسلوب الكلاسيكيّالمتمحور حول تقديم المعارف والانتصار بدلا عن ذلك إلى مقاربة تشاركيّة يؤدّي فيها المنشّط دور المنسّق والموجّه والميسّر لمهامّ الفريق. وحتى يؤدّي منشّط النادي دوره على الوجه الأكمل، ينبغي أن تتوفّر فيه خصال محدّدة وهي التكوين المتين في المجال، والتطوّع والقيادة الديمقراطيّة.

يعني الإقبال على تنشيط النادي التطوّع والمبادرة والالتزام، وهو يشترط توفّر كفايات معيّنة تتّصل في بالمعارف وبالتواصل والمنهجيّة. فعلى مستوى المعارف يحتاج المنشّط إلى الإلمام بالمعارف المطلوبة لتنمية المواقف والاتّجاهات المدنيّة لدى المتعلّمين، والتي ستكون موجّهة لسلوكهم وتصرّفهم في علاقتهم بالآخرين وببعضهم البعض سواء  أكانوا في الفضاء المدرسيّ أو خارجه. بمعنى أن المنشّط يحتاج إلى معارف محيّنة وموثوقة تتّصل بالقضايا مدار اهتمام النادي، فضلا عن تملّك حقيقيّ للمهارات الحياتيّة بما ييسّر له تنميتها لدى المتعلّمين، ذلك أن ما هو مطلوب منه  يتعدّى المعارف حول المهارات الحياتيّة إلى مساعدة المتعلّمين على ممارسة تلك المهارات حتى يكون المنشط نموذجا أو قدوة.

أن يكون المنشّط مثلا يحتذى به فذلك يعني أنه اكتسب ثقة المتعلّمين ومحبّتهم، كما يعني أنّه نجح  في دور القيادة الديمقراطيّة التي تقطع مع التسلّط التربويّ الذي يؤدّي في الغالب إلى “مصادرة حرية التعبير والنقاش واقتصار دور الطالب على الاستماع وتلقي ما يلقّنه المعلّم[21]“.

وإلى جانب ذلك يحتاج تنشيط النوادي التربويّة الى تملّك منهجيّة التنشيط التي تخوّل له تنويع طرق التنشيط ومسارات التواصل بما يساعد المتعلّمين على الانخراط بجديّة في مختلف المشاريع التي تُنجز في فضاء  النادي. وعليه يكون من الضروريّ اكتساب المنشّط لمجموعة من الكفايات يمكن إجمالها في الجدول الآتي:

كفايات منشّط نادي التربية على المهارات الحياتيّة

الكفاية مكوّناتها
        المعرفيّة -معرفة جيّدة بالمهارات الحياتيّة وخلفيّتها النظريّة. -اكتساب المفاهيم الحافّة بالمهارات الحياتيّة (المواقف-الاتجاهات-السلوك-الأدوار-المكانة- الكفاية- القدرة…). -معرفة دقيقة بحقوق الطفل (الحق في الصحة/الحق في الحماية/الحق في التنمية الشاملة لشخصيته…). -معرفة بخصوصيّة النوادي وأنشطتها. -معرفة بخصوصيّة المرحلة العمريّة (المراحل العمريّة) لأعضاء النادي. -الإلمام بمشاغل أعضاء النادي وهواجسهم في الوسط التربويّ وفي المحيط الاجتماعيّ.
    التواصليّة -القدرة على النقل التعليميّ- التعلّمي للمهارات الحياتيّة. -معرفة جيّدة بانتظارات التلاميذ من النادي. -القدرة على التواصل بيسر مع مجموعة غير متجانسة من التلاميذ. -القدرة على توجيه المتعلّمين لصياغة هويّة للنادي. -امتلاك تقنيات التنشيط. -القدرة على التواصل مع مختلف  الفاعلين التربويين. -القدرة على التواصل مع مختصّين (شخصيات موارد). -القدرة على التصرف في إدارة الفوارق بين المتعلّمين. – القدرة على لعب دور القائد الديمقراطيّ.
المنهجيّة -الوعي بالضرورة التعامل مع المهارات ضمن مشروع يخوّل للتلميذ اكتساب مختلف المهارات الحياتيّة. -تصوّر الوضعيّات- المشكل والعمل على توظيفها في سياقات يعيش ضمنها بعض التلاميذ لتوجيه هؤلاء نحو اكتساب المهارات الحياتيّة. -القدرة على تحليل سلوكيّات المنخرطين في النادي وتقييمها. -القدرة على توظيف الزمن المخصّص للنادي في ترسيخ ثقافة الفريق، وتنمية روح الجماعة لدى المنتمين للنادي. -القدرة على إكساب المتعلّمين منهجيّة المشروع وتحديدا مشروع تنمية السلوك المدنيّ لديهم من خلال إكسابهم ثقافة تحميهم من السلوكيّات المحفوفة بالمخاطر بالوسط المدرسيّ وخارجه.

يحتاج تنشيط النوادي التربويّة إلى هذه الكفايات وغيرها، وعليه فإن اكتسابها من قبل المنشّطين ييسّر لهم مهامّهم ويقرّبهم أكثر من المتعلّمين ومن انتظاراتهم، ويجعل من هؤلاء يشعرون بالانتماء لا إلى النادي فحسب وإنّما إلى المؤسّسة التربويّة كلّها. فالنادي يقوم على اقتناع بالدور التربويّ للأنشطة الموازية لأنشطة الفصل. فلهذه الأنشطة بعد تربويّ مهمّ يعزّز من انتماء المتعلّم للمجموعة ومن ثمّ للمدرسة. وعليه سيعمل على ترجمة هذا الشعور إلى ممارسة عمليّة سواء  في أنشطة التعليم والتعلّم أو في الأنشطة الثقافيّة والرياضيّة وهو ما سيمكّن لا المتعلّم فقط وإنّما المدرسة في التغلّب على الصعوبات والتحدّيات التي تواجهها.

تدلّل كفايات منشّطي النوادي التربويّة من ناحية على أهميّة الدور الذي تقوم به هذه النوادي، والذي يأتي متمّما ومكمّلا لدور آخر يُنجز في الفصل. بعبارة مغايرة تعتبر تنمية المهارات الحياتيّة مدخلا آخر تعمل من خلاله المؤسّسة التربويّة على تحقيق أهدافها الوجدانيّة –السلوكيّة والمهاريّة؛ وهو مدخل يتطلّب توفّر كفايات محدّدة لدى منشّط النادي، ويتطلّب انخراطا طوعيّا وإراديّا من مختلف الفاعلين التربويّين، وهو يستدعي كذلك رؤية مغايرة للتقييم. فالمسألة لا تتعلّق بتقييم معارف ولا بامتحانات عاديّة، وإنّما بتقييم مهارات في بعدها الشامل الذي تتكامل فيه المعارف والمواقف والسلوكيات والتواصل…الخ.

  1. نحو تقويم مغاير

حتى تكون أنشطة النادي هادفة وقصديّة يكون من الضروريّ أن تخضع تلك الأنشطة إلى التقويم l’évaluation. فعمل النوادي –ككل ّفعل تربويّ هادف- ينبغي أن يخضع لعمليّة التقويم (التقييم). ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، هو بأي معنى ينبغي أن نفكّر في التقويم؟

بداية، لابد من الإقرار بالاختلاف الجوهريّ بين طبيعة أنشطة النادي وأنشطة الفصل. فهذا الاختلاف يتجلّى في عناصر مختلفة منها طبيعة النادي ونوعيّة الأهداف التي رُسمت له ويعمل على تحقيقها، والمبنية بالأساس على تنمية المهارات الحياتيّة. ولذلك من الضروري ألا يقوم التقييم على ذات النهج الكلاسيكيّ الذي يُعتمد في تقييم أنشطة التعليم والتعلّم والذي يخضع في غالب الأحيان إلى منطق علم الامتحانات la docimologie أكثر منه إلى منطق التقويم نظرا لأن جلّ الاهتمام منصبّ على ترتيب المتعلّمين.

بناء عليه، من الضروريّ أن يتّخذ تقويم أعضاء النادي طابعا تجديديّا يساعد على الحصول على تغذية راجعة موثوق فيها. وفي الأغلب يتّخذ هذا التقويم مسارين متكاملين، أولهما التقويم الضمنيّ المدمج بحيث يعمل المنشط خلال نشاط النادي في مراحله المختلفة على رصد مدى تجاوب التلاميذ مع مضمون الحصص والأنشطة وخاصة مع الأهداف التي رُسمت بطريقة مشتركة، بمعنى أنّه يستهدف النظر في مدى اكتساب أعضاء النادي لمهارات ما، ومدى قدرتهم على تجسيمها في سلوكهم اليوميّ. فالأمر ” لا يتعلّق بقياس مستوى المتعلّمين معرفيّا، ولا بتذكرهم وحفظهم للمعلومات[22]“، فالهدف مغاير. إنّه يتّجه إلى تبيّن مدى قدرة المتعلّمين على العمل ضمن فريق، وقدرتهم على التفاوض مع فرق أخرى، وكذلك على قدرتهم على الاندماج في مجموعات أوسع بما في الاندماج في فرق مختلطة (تتكوّن من الجنسين).

لا يصرّح بهذا التقييم ولا يخصّص له وقت محدّد؛ ولكنّه يمارس من قبل المنشّط طيلة أنشطة النادي والغرض منه تبيّن مدى استيعاب المنتمين للنادي للقواعد التي شاركوا في وضعها منذ البداية، ومدى امتثالهم لها والتزامهم بها، فضلا عن مدى تنميتهم لمختلف المهارات المستهدفة. أما المسار الثاني وهو التقويم الصريح والمعلن، والذي ينبغي أن يكون متماشيا ومتناسقا مع طبيعة أنشطة النادي وروحه باعتباره فضاء لتنمية المهارات الحياتيّة من خلال الاشتغال على مسائل حيويّة وقضايا راهنة تشغل بال المتعلّمين، فيمكن أن يتّخذ هذا الضرب من التقويم شكل البورتفوليوPortfolio  أو ملف الإنجاز.

ويمكن القول إن تبنّي التقويم بملف الإنجاز (البورتفوليو) يعدّ الأنسب للحصول على تغذية راجعة موثوق فيها حول مدى انخراط التلاميذ في النادي، ومدى اكتسابهم للمهارات المستهدفة[23]. فملف الإنجاز  الذي هو “أداة لتجميع خبرات المتعلّم وإنجازاته تجميعا بنائيّا توثيقيّا خلال فترة زمنيّة لمتابعة تطوّر نموّ المتعلّم وتقدّم تعلّمه، ويتمكّن المتعلّم والمعلّم عن طريقها من اختيار أفضل الأعمال التي أنجزها المتعلّم وتبرير ذلك الاختيار[24]“. كما يسمح ملف الإنجاز أيضا بتفاعل متعدّد الأبعاد، بين المنشّط والمتعلّمين، وبين الولي والمنشّط…الخ. ويتيح البورتفوليو برصد آثار الأنشطة عند المتعلّم ومن ثم الوقوف عند الصعوبات التي تعترضه، والخطوات التي قطعها أي أنّه في نهاية المطاف يقوم على تجميع الأعمال بشكل “منظم ومنتظم…لتكون دليلا مباشرا على جهوده وتحصيله وتقدمه على مدى فترة من الزمن[25]“.

ولملف الإنجاز عدّة أهداف منها[26]:

  • تفويض التلاميذ لتحمّل المسؤوليّة وحق تملّك عملهم؛
  • السماح للتلاميذ أن يتأمّلوا أعمالهم، وأن يقيّموها، وان يضعوا الأهداف ويروها قد تحقّقت؛
  • السماح للتلاميذ أن يختاروا ويعرضوا أفضل أعمالهم، وأن يُظهروا ما الذي يستطيعون عمله، وكذلك تزويد أولياء الأمور بأمثلة واضحة من إنجازات أبنائهم؛
  • التزويد بالتغذية الراجعة لكلّمن التلاميذ والمعلّمين والمدراء والمهتمّين بالإنجاز الطلاّبي والأهداف التربويّة؛
  • يتيح للتلاميذ أن يصبحوا شركاء مع المدرّسين في عمليّة التقويم.

ولعلّ هذا التفاعل الذي يوفّره  ملف الإنجاز بين مختلف الأطراف يجعل منه الأداة الأنسب لتقييم عمل أعضاء النادي وطريقة اشتغاله لا سيما وأن الأمر يتّصل بتنمية المهارات الحياتيّة، وهي مسألة تمتدّ على فترة طويلة نسبيّا من الزمن، علما وأن ملف الإنجاز يمكن أن يكون ورقيّا كما يمكن أن يكون رقميّا (الكترونيّا)، وتلك مهارة أخرى تحتاج إلى تنمية.

خاتمة

من المؤكّد أن مهمّة المدرسة ورسالتها لا تُختزلان اليوم في تقديم المعارف وتكوين المتعلّم وتأهيله للاندماج في الحياة العمليّة وبالخصوص في سوق الشغل. وعلى هذا الأساس يمكننا القول إن مهامّ المؤسّسة التربوّية اليوم صارت تتمحور في إقدار المتعلّم على مجابهة تحدّيات الحياة المعاصرة ومتطلّباتها المتزايدة والمتسارعة. وضمن هذا السياق تندرج أهميّة اشتغال المدرسة على تنمية المهارات الحياتيّة التي تعدّ مدخلا ملائما لبناء الذات الفاعلة لدى المتعلّم، بما يعنيه ذلك من ذات حرّة ومسؤولة وقادرة على اتّخاذ القرارات المناسبة في الأوقات الملائمة. وباعتبار أن المهارات الحياتيّة مسألة أفقيّة عابرة للمواد والأنشطة، فإن للنوادي التربويّة دور محوريّ في تنميتها ولذلك نوصي ب:

-إيلاء النوادي التربويّة ومن خلالها الحياة المدرسيّة أهميّة كبرى في تحقيق أهداف أي منظومة تربويّة وخاصة منها الأهداف الأفقيّة من قبيل تنمية المهارات الحياتية؛

-تمكين المعلّمين المنخرطين في الحياة المدرسيّة من تكوين خاص في المجال ومن تكوين متين في مجال تنمية المهارات الحياتيّة؛

-التعريف بالتجارب الحسنة في تنمية المهارات الحياتيّة من خلال النوادي التربويّة والعمل على نشرها والتعريف بها؛

- تمكين منشّطي النوادي التربويّة من الإمكانيّات اللازمة التي تساعدهم على تحقيق الأهداف التي رسموها مع المتعلّمين؛

-تشجيع البحوث التربويّة في مجال الحياة المدرسيّة عامة حتى يتسنّى تطوير الأندية التربويّة وتجويد مردودها؛

- تشجيع النظرة التكامليّة التي تجعل أنشطة الحياة المدرسيّة متمّمة لأنشطة الفصل، وبالتالي القطع مع النظرة التفضيليّة التي تنتصر للثانية على حساب الأولى.

قائمة المراجع:

1.زاهية ميخائيل عقيقي؛ دور المدرسة في التربية على السلامة المروريّة، الغدير، العدد 56، خريف 2011

2.الزهرة إبراهيم وعبد الله الحميمة (تنسيق)، الدافعيّة داخليّة المنشأ: وسائل التعليم والتعلّم في المدرسة العموميّة المغربيّة، مطابع الرباط نت، الرباط، 2018

3.عبد الرحمان جمعة وافي؛ المهارات الحياتيّة وعلاقتها بالذكاءات المتعدّدة لدى طلبة المرحلة الثانويّة في قطاع غزة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، الجامعة الإسلاميّة، غزة 2009/2010

4.عبد المجيد الانتصار؛ تعليم ثقافة الحق والمواطنة: قضايا منهجيّة وديداكتيكيّة ، الرباط، منشورات دار التوحيدي، الطبعة الأولى، 2006

5.لطيفة بنت صالح السميري؛ استخدام  ملف (بورتفوليو) الطفل الالكتروني في تقويمه أدائه بمرحلة رياض الأطفال، مجلّة كلّية التربية، جامعة الإمارات العربيّة المتحدة، العدد21، 2004

6.ماهر الجويني؛ المعلّم ودوره في التنشئة الاجتماعيّة: أبحاث ودراسات تربويّة، العدد الثالث، السنة الثانية، صيف 2016م – 1437

7.المجلس الوطني لحقوق الإنسان (المغرب)؛ التربية على المواطنة وحقوق الإنسان: فهم مشترك للمبادئ والمنهجيّات، دليل التربية على حقوق المواطنة وحقوق الإنسان، الرباط 2014

8.محمّد إبراهيم عبيد، التعليم وتحدّيات المستقبل، علم النفس، العدد (111)، أكتوبر-نوفمبر-ديسمبر 2016

9.محمّد بالراشد؛ الحياة المدرسيّة: أي دور لخريجي علم الاجتماع في تأطيرها؟ المقدمة، عدد2، 2008

10.محمّد بالرّاشد (منسق)؛ التربية على المهارات الحياتيّة: أسس مرجعيّة  ونماذج تطبيقيّة، اليونسيف، تونس،2019

11.محمّد بهاوي؛ الحياة المدرسيّة ودور الأنشطة الموازية والداعمة في ترسيخ السلوك المدنيّ، عالم التربية، عدد21، 2012

12.محمد السعيد قيسي واسماعيل لعيس؛ مشروع برنامج تدريبيّ لبناء المشروع الشخصيّ المستقبليّ لفائدة تلاميذ المرحلة المتوسطة والثانويّة باستخدام الحقيبة الوثائقيّة (Portfolio) كأداة بديلة لبطاقة المتابعة والتوجيه، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد16/سبتمبر 2014

13.مختار غريب وجلول قوادري؛ المهارات الحياتيّة المتّطلّبة في بناء المشروع الشخصي للتلميذ؛ مجلّة دراسات في علوم الإنسان والمجتمع، جامعة جيجل، مجلّد 02، عدد03، السنة 2019

14.وزارة التربية والتكوين (الجمهوريّة التونسيّة)؛ الأمر المنظّم للحياة المدرسيّة، الأمر عدد 2437 المؤرّخ في 19 أكتوبر 2004

15.يزيد عيسى السورطي؛ السلطوية في التربية العربيّة،  المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت ، عالم المعرفة عدد362، 2009

16.Bonnin (F) & alt., Développer les compétences psycho-sociales : un outil au service du formateur, Collège Régional d’éducation pour la Santé de Champagne Ardenne, 2002, p13, sur le site www.preventionsuicidemanche.fr

17.Ghrissi (A) &Milliti (I) ; Développer les aptitudes à la vie quotidienne chez les adolescents et jeunes tunisiens, Tunis, UNICEF, 2014

18.Lamboy (B) & alt., Développer les compétences psychosociales chez les enfants et les jeunes (Dossier) ; la Santé en action N°431, Mars 2015

19.Pachod (A) ; De l’école sanctuaire à l’école sans murs, Recherches en Education, N°36, Mars2019, p p 16-28

[1]المجلس الوطني لحقوق الإنسان (المغرب)؛ التربية على المواطنة وحقوق الإنسان: فهم مشترك للمبادئ والمنهجيّات، دليل التربية على حقوق المواطنة وحقوق الإنسان، الرباط 2014، ص 11.

[2]Ghrissi (A) &Milliti (I) ; Développer les aptitudes à la vie quotidienne chez les adolescents  et jeunes tunisiens, Tunis, UNICEF, 2014, p16

[3]وزارة التربية والتكوين (الجمهوريّة التونسيّة)؛ الأمر المنظّم للحياة المدرسيّة، الأمر عدد 2437 المؤرّخ في 19 أكتوبر 2004، الفصل الأوّل

[4]المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المرجع السابق، ص10 . ولابد في هذا السياق من الإشارة إلى تنوّع النوادي حيث تنقسم النوادي طبقا للمرجع المشار إليه إلى نوادي موضوعاتيّة أي تلك النوادي التي يغلب عليها الاشتغال على مجال معيّن كحقوق الإنسان والصحّة والبيئة والآداب والفنون. ونوادي الوسائط أي تلك الأندية التي تركّز على وسائط الاشتغال وتقنياته، ولا تتخصّص في مجال أو موضوع معيّن، ولكنّها تعالج مجالات وموضوعات مثل الإذاعة المدرسيّة والصحافة والمسرح وتكنولوجيا الاتّصال…، المرجع نفسه، ص 18

[5]عبد الرزاق المصباحي؛ الأنشطة المندمجة وبناء الدافعيّة داخليّة المنشأ: تجارب عالميّة ومحليّة، ضمن الزهرة إبراهيم وعبد الله الحميمة (تنسيق)، الدافعيّة داخليّة المنشأ: وسائل التعليم والتعلّم في المدرسة العموميّة المغربيّة، مطابع الرباط نت، الرباط، 2018، ص 177

[6] محمّد بالراشد؛ الحياة المدرسيّة: أي دور لخريجي علم الاجتماع في تأطيرها؟ المقدمة، عدد2، 2008، ص 179

[7]محمّد بهاوي؛ الحياة المدرسيّة ودور الأنشطة الموازية والداعمة في ترسيخ السلوك المدنيّ، عالم التربية، عدد21، 2012، ص371

[8]محمد عودة الريماوي؛ علم النفس الطفل، ط1، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمّان الأردن، ص 180، ورد عند مختار غريب وجلول قوادري؛ المهارات الحياتيّة المتّطلّبة في بناء المشروع الشخصي للتلميذ؛ مجلّة دراسات في علوم الإنسان والمجتمع، جامعة جيجل، مجلّد 02، عدد03، السنة 2019، ص149

[9]Bonnin (F) & alt., Développer les compétences psycho-sociales : un outil  au service du formateur, Collège Régional d’éducation pour la Santé de Champagne Ardenne, 2002, p13, sur le site www.preventionsuicidemanche.fr

[10]محمّد إبراهيم عبيد، التعليم وتحدّيات المستقبل، علم النفس، العدد (111)، أكتوبر-نوفمبر-ديسمبر 2016، ص19

[11]أنظر مثلا

Lamboy (B) & alt., Développer les compétences psychosociales chez les enfants et les jeunes (Dossier) ; la Santé en action N°431, Mars 2015 pp 10-40

[12]Ghrissi (A) &Milliti (I) ; développer les aptitudes à la vie quotidienne…, op. cit., p39

[13]Ibid, p39

[14]Ibid, p40

[15]مختار غريب وجلول قوادري؛ المرجع السابق، ص 149-150

[16] عبد الرحمان جمعة وافي؛ المهارات الحياتيّة وعلاقتها بالذكاءات المتعدّدة لدى طلبة المرحلة الثانويّة في قطاع غزة، مذكرة لنيل شهادة الماجستير، الجامعة الإسلاميّة، غزة 2009/2010 ، ص ص28-29

زاهية ميخائيل عقيقي؛ دور المدرسة في التربية على السلامة المروريّة، الغدير، العدد 56، خريف 2011، ص  ص 138-139[17]

[18]أنظر في هذا السياق:

Pachod (A) ; De l’école sanctuaire à l’école sans murs, Recherches en Education, N°36, Mars2019, p p 16-28

 عبد الله لحميمة؛ التعلّم بالحوار، ضمن الزهرة إبراهيم وعبدالله الحميمة، المرجع السابق، ص188[19]

[20]ماهر الجويني؛ المعلّم ودوره في التنشئة الاجتماعيّة: أبحاث ودراسات تربويّة، العدد الثالث، السنة الثانية، صيف 2016م – 1437 هـ، ص173

 يزيد عيسى السورطي؛ السلطويّة في التربية العربيّة، الكويت  المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، عالم المعرفة عدد362، 2009، ص40[21]

[22] عبد المجيد الانتصار؛ تعليم ثقافة الحق والمواطنة: قضايا منهجيّة وديداكتيكية ، الرباط، منشورات دار التوحيدي، الطبعة الأولى، 2006،ص56

أنظر في هذا الإطار؛ محمّد بالرّاشد (منسق)؛ التربية على المهارات الحياتيّة: أسس مرجعيّة  ونماذج تطبيقيّة، اليونسيف، تونس،2019 [23]

[24] لطيفة بنت صالح السميري؛ استخدام  ملف (بورتفوليو) الطفل الالكتروني في تقويمه أدائه بمرحلة رياض الأطفال، مجلّة كلّية التربية، جامعة الإمارات العربيّة المتحدة، العدد21، 2004، ص114

[25]ورد عند محمد السعيد قيسي واسماعيل لعيس؛ مشروع برنامج تدريبيّ لبناء المشروع الشخصيّ المستقبليّ لفائدة تلاميذ المرحلة المتوسطة والثانويّة باستخدام الحقيبة الوثائقيّة (Portfolio) كأداة بديلة لبطاقة المتابعة والتوجيه، مجلة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة، العدد16/سبتمبر 2014، ص94

[26] المرجع نفسه، ص ص94-95

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق